11‏/09‏/2020

اضاءات تنويرية


 



                           الاختيار الصعب

إن الله سبحانه وتعالى لم يكن في أي عصر من العصور وقفا على فئة ولا على أمة أو شعب، الله خالق الجميع، وهو رب جميع العالمين، والجميع يسعون إلى إثبات عبوديتهم له، لكن كل بطريقته ومنهجه.

ومن يؤمن بعبودية الكائنات كلها لله تعالى، ليس مطلوبا منه أن يعترض على السبل التي اختطها الناس والكائنات الأخرى ليسيروا خلالها إلى ربهم الذي يعبدون، بقدر ما مطلوب منه أن يختار هو الآخر الطريق التي يأمن السير فيها، ولا يسبب الأذى لغيره، عسى أن يصل بهدوء وينال الرضا، ويسمح للآخرين أن يصلوا بسلام.

<<<<< 

                          رفض التعقيد

جاءت تعاليم الإسلام لتنمي الوعي المعرفي للإنسانية، وترشد الإنسان إلى السبل التي تسعده في الدارين، ولكن بعض المسلمين الأوائل؛ ولأسباب كثيرة؛ بعضها لا زال إلى الآن مجهولا، تسابقوا فيما بينهم لتفسير ما وصلهم وفقا لهواهم ومصالحهم وفئاتهم وفرقهم، ثم جاء من اعتمد ما جاءوا به أساسا لتعبده، وقانونا لعقيدته، وأمتنع عن إبداء الرأي فيه، لاسيما بعد أن ولد الخلاف، ومنه جاء التشدد إلى درجة السكوت عن الخطأ والقبول به، ومع أننا كمسلمين بكل فئاتنا احتفظنا بالموروث، وحافظنا عليه عبر التاريخ، إلا أننا بدونا أغبياء حقيقيين بسبب هذا الجمود، الذي يتسبب لنا بين الحين والآخر بأزمة أخطر من التي سابقتها!

وأعتقد أننا نحتاج اليوم إلى التغيير، فقد بليت تلك الأسباب التي نسوقها عن فلان عن فلان عن فلان. نحن نحتاج اليوم إلى أن نقول: عني أنا أو عن العالم الفلاني أو عند الدكتور الفلاني، وثقوا أن حتى هذه الـ(عن) لن تكون نهائية أو صائبة 100% وانها تحتاج مثل غيرها إلى أن نشكك بها أحيانا. وتبقى بساطة الدين هي الأساس وكل تعقيد مرفوض.

<<<<< 

                                            تنوير

أبدا، لم يأت الإسلام لينسخ الأديان التي سبقته، أو ليبطل العمل بها، وإنما هو مرحلة متقدمة من مراحل الوعي الإنساني لمعرفة الله تعالى، تكاد تكون خلاصة جميع التجارب السابقة التي مرت بها البشرية. ومن يعبد الله تبعا لتعاليم شريعة سماوية سابقة؛ ليس مشركا، فهو رأي ارتآه، له موجباته الاجتماعية والإرثية والعقلية والعقائدية، ولا ضير في ذلك، فالإسلام دين العقل والحرية!.

<<<<< 

                                           إضاءة

أعطى دين الإسلام للحيوان أكثر من (113) حقاً، لأن الحيوانات من مخلوقات الله، وهي أمم أمثالكم (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم) وستحشر مثلما تحشرون (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ)، وهي في حياتها تسبح بحمد الله مثلما تسبحون (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ).

فهل يُعقل أن يحرم الإنسان وهو سيد المخلوقات وأشرفها حقا من حقوقه، والإنسان هو خليفة الله في الأرض؟

فمن خولكم التلاعب بقوق الناس واعتقاداتهم؟

<<<<< 

                                            سؤال

جاء في الذكر الحكيم قوله تعالى: {وإذا الوحوش حشرت} والوحوش كما في قواميس اللغة: حيوان البر. كل شيء من دواب البر مما لا يستأنس. واتفق العلماء والفقهاء على أن الوحوش غير مكلفة حتى مع كونها أمم أمثالنا.

فكيف ولماذا تحشر وهي غير مكلفة؟ وهل اتفق العلماء على معنى حشرها؟ وهل يكفي ما أورده الطبري في تفسيره، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: "حشر البهائم: موتها، وحشر كل شيء: الموت، غير الجن والإنس، فإنهما يوقفان يوم القيامة".

وهل تمكن أبيُّ بن كعب من إيصال معنى (حشرت) التي فسرها بمعنى (اختلطت) وهو عين ما ذهب إليه القرطبي في تفسيره بقوله: (وإذا الوحوش حشرت): اختلطت الدواب والوحوش والهوام والطير، وماج بعضها في بعض.

فما المقصود بالاختلاط؟

وهل بسبب هذا الاختلاف ذهب قتادة إلى تفسير (وإذا الوحوش حشرت) بقوله: "هذه الخلائق موافية يوم القيامة، فيقضي الله فيها ما يشاء". أي أنها ستحشر فعلا مثل البشر، ويقضي الله بينها مثلما سيقضي بين البشر؟

ويفهم من الأقوال التي أوردها الطبري أن المسلمين لم يتفقوا على معنى كلمة الحشر الواردة في الآية الكريمة وحدها، فكيف يعقل أن يتفقوا على ما هو أعقد وأخطر منها؟

ومع وجود هذا الاختلاف والتباين كيف يتاح لنا نحن أبناء المذاهب والفرق الإسلامية العديدة أن نتفق على أمر ما من أمور حياتنا وهي لا تحصى؟