30‏/05‏/2016

جدنا صانع الأدوات




ينظر بعضنا إلى مخلفات الإنسان القديم الأثرية على أنها أدوات بدائية غبية، بل ويستهين بعضنا اليوم بمعطيات الحضارة ومخترعاتها الغريبة التي تتدفق علينا بالدقائق والساعات، في وقت وجد فيه الإنسان القديم أن أي آلة يمكن أن يصنعها لمجرد أن ينقل بواسطتها صيده الثمين الثقيل إلى وكره أو كهفه تعد آلية بقاء ثمينة جدا ممكن أن تتحكم بمصيره وبقاءه على الأرض، في وقت لم يكن يعرف الآلية الأساسية لعمل الأدوات الحجرية وصنع الآلات التي يحتاجها، ولم تكن المواد الأولية متوفرة في بيئته، وكان يحتاج إلى دقة لاختيار الأنسب منها لعمله، وكل ذلك يعني تجارب مضنية تتكرر مرات ومرات وغالبا تتكلل بالفشل، وأن كل اختراع مهما كان بسيطا كان يمثل قفزة معرفية هائلة.
فكم هو عظيم ذلك الإنسان البدائي الذي نجح في مصارعة الوحوش والطبيعة والكوارث لكي يبقى ويتكاثر مستعينا بأدوات تبدو تافهة في مظهرها ولكنها عظيمة الأداء، وهي التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه اليوم.
ولا ننسى أن تجارب الإنسان القديم التصنيعية بدأت منذ ما يقرب من مليون وخمسمائة ألف عام، وهذا يعني أن سرعة الابتكار والتصنيع المعاصرة المبهرة تبدو في واقعها عاجزة عن اللحاق بسرعته وبالتالي مهما تسارعت وتصاعدت وتيرة الاختراع والتصنيع تبقى عاجزة عن التنافس معه.

أليس من المفروض أن ننحني احتراما وتبجيلا لأجدادنا القدماء الذين علمونا الرفاهية.