كنا في أكثر من مقال من مقالاتنا قد نوهنا إلى أن هزيمة تنظيم داعش
الإرهابي في العراق سوف تصيبه بالسعار وداء الكَلَب، وأنه سيبدأ بنهش أقرب الناس
إليه، سواء كانوا من ضمن أهالي المناطق التي احتلها بعد أن سهَّل له بعض سكانها
الدخول إليها، أو الدول الداعمة له، وقد حذرنا تركيا والسعودية بأنهما ستكونان
أقرب المناطق إليه وأكثر المناطق ترشحا ليمارس فيها نشاطه الإجرامي، وأن الدواعش
الذين قدموا من دول أوربا سيعودون إلى بلدانهم وهم يحملون جرثومة الإجرام والخبث،
وسيسهمون في زعزعة الأمن فيها.
ومن يستمع إلى خطاب المخبول أبو بكر البغدادي (إبراهيم السامرائي) الأخير
الذي يدعو فيه الدواعش بالصمود في الموصل،
يدرك أن التنظيم المسخ قد انهار في العراق، وأن دولته المزعومة، تلاشت، ولم يبق
منها سوى همل وهبل سيتم سحقهم خلال الأيام القليلة القادمة إذا لم يعودوا إلى
مواطن الشر التي قدموا منها.
كما يدرك يقينا أن هذا التنظيم الدموي، بدأ يبحث لنفسه عن مواطئ قدم جديدة،
ليعيد فيها محاولة إثبات الوجود.
وأنه قد اختار أقرب بلدين إليه وهما السعودية وتركيا، لتكونا ميدان صراع
جديد.
في الأقل هذا ما يتبين من مفردات خطابه الصوتي، الذي جاء فيه؛ فيما يخص
تركيا قوله: "أيها الموحدون.. لقد دخلت تركيا اليوم في دائرة عملكم ومشروع
جهادكم فاستعينوا بالله واغزوها واجعلوا أمنها فزعا ورخاءها هلعا ثم أدرجوها في
مناطق صراعكم الملتهبة". وهذا يعني أن كل الذي كسبه أوردغان سيتحول إلى هم
وغم عليه، وسيدفع أضعافه بعد أن يذوق الشعب التركي بعض ما حل بالشعبين العراقي
والسوري.
أما ما جاء في الخطاب عن السعودية التي كانت ولا زالت تعتبر الداعم الأكبر
للإرهاب في العالم، فلا يختلف كثيرا عن مصير تركيا، إذ دعا المخبول عناصر التنظيم
في السعودية إلى استهداف رجال الشرطة والأمراء والوزراء والإعلاميين والكتاب.
إن هذا الخطاب يؤكد بما لا يقبل
الشك أن داعش هزمت في العراق، ولكنها بضاعة سترد إلى أصحابها الذين صدروها إلينا،
ولن تكون حصة أوربا منها بأقل من حصة غيرها، طالما أن الدول الأوربية تهاونت مع
رعاياها الذين وفدوا إلى حيث كانت داعش تعشش، وهم آمنون أن هذه الأعشاش لن تخرَّب
أبدا.
فهنيئا لهم ببضاعتهم ووقانا الله شرورهم.