09‏/11‏/2016

ترامب وأشباح الرئيس







رغم القلق الذي ساور الكثيرين في العالم كله من فوز ترامب بالرئاسة الأمريكية والذي أدى على انخفاض أسعار البترول وصرف الدولار وأسواق البورصة العالمية إلا أن الأمر يبدو اكبر من كل هذه التوجسات والمخاوف، فالمعروف أن الرئيس الأمريكي عبر التاريخ ليس أكثر من واجهة علنية لمؤسسة سرية قوية متينة متماسكة هي التي تدير أمور العالم، وهم الذين يعرفون باسم (أشباح الرئيس) فهؤلاء هم الذين يوجهون دفة الرئاسة الأمريكية لدرجة أنهم يكتبون حتى خطابات الرئيس الخاصة والعامة بما يبدو وكأن الرئيس لا يملك رأيا خاصاً به ولا يملك سلطة إبداء الرأي خارج حدود ما خطط له، وهؤلاء هم الذين يوجهون دفة السياسة في العالم!
فضلا عن ذلك لا يمكن للرئيس أن يتخذ أي قرار ولاسيما القرارات الخاصة بالسياسة الخارجية إلا بما يتوافق مع السياسة الأمريكية العامة، فالرؤوس السياسية الكبيرة الخفية التي تعيش في الظل، كانت ولا زالت وستبقى هي من يدير أمريكا بواسطة شخص الرئيس، الرئيس نفسه ينتخب وفق توجهات ومخططات وبرامج هذه القوى، فالموقف من السعودية مثلا، وتجريمها، وتحميلها مسؤولية تفجير برجي التجارة، جاء قبل أن يفوز ترامب بالرئاسة، وترامب نفسه أشهر هذا التوجه في حملته الانتخابية معلنا أنه سيتصدى للحركات الإسلامية الراديكالية المتطرفة في إشارة واضحة إلى أن منهج الرئيس القادم سيكون وفق سياقات التجريم وتغيير قواعد اللعبة، وهذا وحده هو الذي منح ترامب كارت الدخول إلى البيت الأبيض وليس الشعب الأمريكي وصناديق الاقتراع ومراكز الانتخاب كما يبدو ظاهرا، بمعنى أن المشروع الأمريكي السري هو الذي يتحكم بصعود الأشخاص إلى كرسي الرئاسة الأمريكية، وهو الذي يختارهم ليسوق من خلالهم بضاعته.

إن فوز ترامب في هذا الوقت بالذات يعني أن الإدارة الأمريكية قد أعلنت عن توجهاتها وسياستها المرسومة لحقبة تاريخية مهمة قادمة، سترث تداعيات ولحظات فشل سياستها السابقة في عهد أوباما؛ التي أججت ما يعرف بالربيع العربي، والسكوت عن تصرفات إيران وروسيا المقلقة، وأن الحقبة الجديدة لن تكون أرحم من سابقتها ـ في الأقل ـ فيما يخص الوطن العربي والشرق الأوسط والعالم الإسلامي، فكل المؤشرات تدل على أن أكثر من (ربيع) ينتظر العرب والعالم، وان القادم لا يبشر بخير، فمعاناة العرب خلال السنوات الثماني الماضية سوف تخرج من إطارها وتتوسع لتشمل أجزاء أخرى من العالم، ولن يكون اشتعال نار حرب كونية جديدة ببعيد.