20‏/06‏/2018

نظرية دفاع الخيار الأخير






يظن البعض أن مقولة طارق بن زياد: البحر من ورائكم والعدو من أمامكم التي أطلقها بعد أن أحرق سفنه، فأغلق طريق العودة على جنده، كانت وليدة هذا الفعل المبتكر الذي فرضه الأمر الواقع، حتى قيل إنه بقيامه بهذا العمل الجريء أثبت أنه مخترع طريقة الدفاع العسفي أو دفاع الخيار الأخير، وهذا رأي فيه نظر، لأن موضوع حرق السفن كان فاشيا منذ زمن طويل قبل طارق، وفي التاريخ أن سيف بن ذي يزن طلب من كسرى فارس عونا عسكريا ضد الأحباش الذين كانوا يحتلون اليمن فأمده بالسجناء والمجرمين من سجون فارس، فكانوا ثمانية آلاف، فولى عليهم قائدًا من أساورته يقال له "وهرز"، وأمر بحملهم في ثماني سفن، فركبوا البحر، فغرق سفينتان، وخرجوا بساحل حضرموت، ولحق بابن ذي يزن بشرٌ كثير، وسار إليهم مسروق في مائة ألف من الحبشة ومن معهم من أهل اليمن، وجعل "وهرز" البحر وراء ظهره، وأحرق السفن لئلا يطمع أصحابه في النجاة، وأحرق كل ما معهم من زاد وكسوة، إلا ما أكلوا وما على أبدانهم، وقال لأصحابه‏:‏ إنما أحرقت ذلك لئلا يأخذه الحبشة إن ظفروا بكم، وإن نحن ظفرنا بهم فسنأخذ أضعافه!.