21‏/06‏/2019

أنا تزحلقت يا أبونا




الاعتراف أمام القسيس عقيدة مسيحية الهدف منها طلب الغفران حيث يقول المعترف عادة: أنا زنيت، أنا سرقت، أنا ظلمت فلانا وهكذا ولكي يتخلص قس إحدى الرعويات من سماع بعض الكلمات الجارحة التي ترافق الاعتراف، وجههم بأن يقولوا بدلا عنها عبارة: أنا تزحلقت.
وصارت الرعية كلها تعرف هذا المصطلح، وتكتفي بقوله عند الاعتراف دون أن تفصح عن نوع المخالفة التي ارتكبها المؤمن.
ثم صادف وأن مات هذا القسيس، واستلم المهمة مكانه قسيس آخر لا يعرف الاتفاق ولا معنى كلمة (تزحلقت)، وعندما كان الناس يأتون للاعتراف أمامه كان يستغرب من كثرة ترديدهم لكلمة (تزحلقت)، فاستغل موعظة يوم الأحد ليطلب من الدولة والمسؤولين الإسراع بتبليط وترتيب شوارع المدينة لكي لا يتزحلق الناس، فمن غير المعقول أن تكون نسبة المتزحلقين بهذا الحجم في تلك البلدة الغنية الصغيرة!
ضحك الأهالي عند سماعهم الخطاب كثيرا، وكان رئيس البلدية أعلاهم صوتا وأطولهم ضحكة، فغضب القسيس منه، وقال له: أنت الوحيد الذي ليس من حقه أن يضحك، لأنك المسؤول الأول والأخير عن إدامة شوارع المدينة. ثم لا تنسى أن زوجتك تزحلقت في هذا الأسبوع ثمان مرات، وجاءت لتعترف!!
عندها تجهم وجه رئيس البلدية وضحك الباقون كثيرا.
أما القس فلم يعرف لماذا كانوا يضحكون.
ذكرتني هذه القصة الطريفة بواقع السياسة العراقية اليوم فقسيسنا بالأمس منعنا من التكلم صراحة وأباح لنا الحديث عن التزحلق فقط في التحقيقات وحتى الذي كان يروي قصة تزحلقه لرجال المخابرات والأمن العامة كان يرويها تحت وقع السياط والتعذيب لا لكي يطلب المغفرة بل لكي يعطيهم إذنا بالحكم عليه وإدانته بجرم التزحلق.

وحينما مات قسنا جاءنا مجموعة قساوسة يتكلمون في خطبهم ولقاءاتهم عن استيراد الطماطة والشعب يذبح في الشوارع، ويتكلمون عن استيراد المكيفات والشعب لا يعرف الكهرباء أي بمعنى أنهم تزحلقوا كثيرا.