ولم يعرف
العراقيون رغد العيش في المريخ.. بل وما زاد الطين بلَّة كثرة الشكاوى ضدهم..
إذ أمتلات
المحكمة الوحيدة هناك بملفات الشكاوى من كلّ الأنواع والأصناف..
وكان
أكثرها غرابة تلك التي قدمتها الحيوانات ضد العراقيين:
إذ قدم (البَغْل)
شكوى تقول انَّ العراقيين يطعنونه بشرفه وبنسبه بربطهم بين لفظه ولفظ (النغل)،
فالبغل: أبوه حمار وأمّه فرس..، ويلمحون انَّه ابن غير شرعي..
كما قدم
الحمار شكايته ضد العراقيين، بقوله إنَّهم ينسبون إليه كلّ عيب، وهو ساكت على مضض
لكن أن يجردوه من اسمه المحبب إليه، ويلقبونه بـ(زمال) ويشتقون منه ألفاظ فهذا
ما لا يقبله: (زمال، وزمالة، وتزومل.. وزمايل)!!
كذلك قدمت
الأرملة السوداء شكوى مفادها أنَّ العراقيين انتهكوا خصوصيتها في الفيسبوك ونشروا
أسرارها.. ولم يكتفوا بذلك بل أدعوا أنها قدمت طلب للرعاية الاجتماعية للحصول على
راتب الأرامل وهي من قامت بقتل زوجها وأكله.. بل تجازوا الحدّ بقولهم إنَّها لدغت
عدد من العراقيين وماتوا من لدغتها.. وهي تقسم للقاضي أنَّها لم تلدغ أحداً.. وكلّه
افتراء وإشاعة!!
ثمّ تكلمت
هذه الحيوانات بألم، قائلة: لماذا استهدفنا نحن فقط من بين الحيوانات؟! هل هي قضية
رشاوى، كالرشاوى التي تقدمها البقرة من الحليب وغيره وما يقدمه الخراف من لحوم...أم قضية خوف كخوفهم
من الأسود والأفاعي؟!!
ولمَّا سمع
القاضي بلفظة (الرشاوى) ارتعدت فرائصه.. فازدادت ملامح وجهه صرامة وجديّة.. فلا يمكن
التهاون مع ملفات الفساد.. قال: سأعاقب المعتدين.. سأهجرهم للشمس وهناك سيعرفون
معنى (السمط) الحقيقي ولاسيما وأن تموز على الأبواب وهم بلا (سبلت ولا مبردة)!
ولمَّا سمع
العراقيون الذين أنهكوا من الفقر والحرمان والنزوح والهجرة والضيم والقهر بحكم
القاضي.. قالوا للقاضي مهددين: إذا ذهبنا هناك سنطفئ الشمس ونجعل الكون يغرق في
ظلامٍ دامس.
والحق يقال
لقد شعر القاضي بالرعب من التهديد.. فلو اختفت الشمس سنصاب بالكآبة وستزداد حالات
الانتحار التي ازدادت أصلاً وسيلجأ الشباب أكثر من ذي قبل للمخدرات..
فارتد
القاضي إلى الوراء، مستندا على كرسيه، وقال: "زين ابقوا بالمريخ! بس عوفوا
الأرملة السوداء.. خطية.. شجلبتوا بيها ما لادغة أحد بابا؟!".
وللحديث
بقية