16‏/04‏/2017

موروثهم أمانة فحافظوا عليه







في العراق غير ما تركه الأسلاف الأوائل من آثار عظيمة في المدن التاريخية الآثارية، هناك الكثير مما تركه الأجداد منذ قرنين أو أقل من الزمن الحديث، وفيه الكثير من الآثار العمرانية التي لا زالت شاخصة؛ والتي تعتبر شواهد حية على تاريخ المدن العراقية الحديثة وبداية نشأتها، ولاسيما في الحارات القديمة.
وفي مدينة الكوت هناك منطقة قديمة تعرف باسم (الشرقية) تعد من أولى المناطق العمرانية في المدينة، وفيها يقع البيت الذي اتخذه القائد البريطاني تاونزند مقرا لسكنه يوم كان قائدا للقوات البريطانية التي غزت العراق سنة 1916، والبيت المقابل له الذي اتخذه مقرا إداريا وسكنا لضباطه.
لا زالت شوارع هذه المنطقة الضيقة تضم مجموعة من البيوت القديمة التي تعود إلى بدايات عصر نشوء المدينة، ونتيجة التطور وفتح الشوارع الجديدة أزيلت الكثير منها، كما قام بعض الأهالي بتهديم دورهم القديمة وبناء دور جديدة مكانها، وهكذا بدأت المدينة تفقد هويتها التاريخية، لترتدي قناعا هجينا، سيحولها في المستقبل القريب، إذا ما استمر بهذه الوتيرة المتصاعدة إلى مدينة ذات تاريخ لا جذور له.
أما تلك التي نجت من الدمار فإنها تعرضت إلى تشويه كبير، أصبح يعرضها إلى الانهيار أو فقدان الملامح التاريخية، مثل مد أنابيب مياه التصريف وتبديل الأبواب والشباب الأصلية بأخرى حديثة، تشوه جمالية وجهها.
ومن سلمت من هذا وذات، أهملت وتحولت إلى مكب نفايات، وصارت آيلة إلى السقوط بعد أن تهدمت بعض أركانها.
إن هذه المنشآت التاريخية لا تقل أهمية عن باب عشتار أو آثار بابل أو قصر الأخيضر أو آثار نمرود أو الثور المجنح أو الملوية وغيرها، وتحتاج إلى رعاية وعناية تتناسب وواقعها التاريخي الذي تحول إلى سجل ذكريات لأهل المدينة. وفي مدينة مثل الكوت، التي تخلو من وجود المتاحف بأنواعها من الممكن استملاك بعض تلك البنايات وصيانتها واستثمارها في إنشاء متاحف مختلفة أو تأثيثها وتحويلها إلى بيوت تراثية.

إن مثل هذا المشروع الطموح لا يكلف شيئا يذكر نسبة إلى ما سيدره من أرباح فكرية ومادية وحضارية. وهي دعوة إلى جميع محافظاتنا العزيزة للقيام بالعمل نفسه لكي لا ينقطع أبناؤنا عن تاريخ آبائهم، ولكي لا ينقطع الآباء عن تاريخ أجدادهم الذي يضم بعض ذكريات كبار العمر منهم.

ملاحظة: الصورة المرفقة بعدسة الفوتغرافي الشاب الفنان علاء إسماعيل.