28‏/05‏/2017

هرهرة المشايخ برواية الثقات





اثنان من خيرة المؤرخين الثقات؛ هما: الثعالبي في يتيمة الدهر، ج2/ص294، وابن خلكان في وفيات الأعيان، ج3/ ص366ـ367. نقلا عن القاضي والشاعر علي بن محمد بن أبي الفهم التنوخي رواية في منتهى الغرابة تخص لحيته الطويلة البيضاء التي كان يغمسها بالخمر ليرش أصحابه، وهي قصة تؤكد أن كثيرا من الوقار الذي نراه على البعض (مع حفظ الألقاب والمناصب) لا يمثل الجوهر أبدا..
تقول الرواية: كان التنوخي مولعا بالخمر والغناء والرقص واللهو، ويحكى أنه كان في جملة القضاة الذين ينادمون الوزير المهلبي، ويجتمعون عنده في الأسبوع ليلتين على أطراح الحشمة والتبسط في القصف والخلاعة.
وهم: ابن قريعة، وابن معروف، والقاضي التنوخي، وغيرهم. وما منهم إلا أبيض اللحية طويلها، فإذا تكامل الأنس، وطاب المجلس، ولذ السماع، وأخذ الطرب منهم مأخذه، وهبوا ثوب الوقار، وتقلبوا في أعطاف العيش.. ووُضِع في يد كل واحد منهم كأس مملوء شرابا، فيغمس لحيته فيه بل ينقعها حتى تشرب أكثره، ويرش بها بعضهم على بعض، ويرقصون أجمعهم... ويقولون كلما يكثر شربهم: هر هر..
فإذا أصبحوا، عادوا لعادتهم في التزمت والتوقر والتحفظ بأبهة القضاة وحشمة المشايخ الكبراء.
كفانا الله سماع هرهرة المعاصرين.