10‏/09‏/2017

تحريك الكلمات قديما









عَقَّدَ النمط المُلائي الذي يدقق كثيرا بالجزئيات الكثير من القضايا العامة، سواء على مستوى الحلال والحرام أو على مستوى اللغة والإعراب والسنن العامة والسلوك، من تلك التي لا تحتاج إلى كل التعقيد الذي أحاطوها به، فبدت في عالم خاص يبدو غريبا عن عالمنا، وبعيدا عن الحديث عن مجمل التعقيدات التي أحدثوها، اخترنا التحدث عن الإعراب كأنموذجٍ للمعاناة التي أحدثها التعقيد، فتعالوا لنعرف كيف كان آباؤنا وأمهاتنا المساكين يتهجون الكلمات وحركاتها يوم كان (المُلا) هو المشرف على التعليم. وأول ما يجب أن تعرفوه هو أسماء الفتحة والضمة والكسرة التي يبنى وفقها تحريك الكلمة ونطقها:
كانت الضمة (ـُ) تسمى: بيش، فإذا قرأوا دالا مضمومة قرءوها هكذا: دال بيش: دو
والفتحة (ـَ) تسمى زَبَرْ، فإذا قرأوا  دالا مفتوحة، قرءوها هكذا: دال زبر: ده
والكسرة (ـِ) تسمى زير، فإذا قرأوا دالا مكسورة يقرءوها هكذا: دال زير: دي
ولكي تعرفوا مقدار التعقيد الذي كان الطلاب يواجهونه فينهكهم ويتعبهم، سنعرب جزءً من آية (الحَمْدُ لِلِهِ رَبِّ العالَمين) من سورة الفاتحة المباركة وفق منهجيتهم المُلائية القديمة:

ألف لام زبر: أل
حا ميم زبر: حَم
* الحم
دال بيش: دو
* الحمدُ
لام زير: لي
لام ألف: لا
* لِلِا
ها زير: هي
لِلهِ
وهكذا كانت ألسنهم تلقلق بهذه النغمات ؛ التي هي أقرب إلى العُجمة منها إلى العربية طوال الدرس اليومي، ولكنها في كل الأحوال لقلقة، أنتجت متعلمين رائعين لا يعرف اللحن إلى ألسنتهم طريقا، على خلاف المعاصرين الذين تمتعوا بالتبسيط ومع ذلك لا تكاد تفقه لهم قولا ولاسيما حينما يخلطون بين البيش والزبر والزير فيستخدمونها في غير مواضعها فيضيع المعنى!.
ومن هنا أرى أن محبي التراث وعشاق القديم ملزمون بحفظ وتوثيق تلك الطريقة، لضمها إلى ما لدينا من تراث تعليمي، ولكي لا تنساها الأجيال، وتبقى عالقة في الذاكرة.

https://www.youtube.com/watch?v=4Fu-S9vJMZM