إن وجودنا ضمن
دائرة الصراع والخداع التاريخي، وبالرغم من كل تلك المصائب التي حلت بنا، فأعاقت
تطورنا وتوحدنا وتقدمنا، لم يوصلنا إلى نتيجة تذكر، ولذا بقينا عالقين في أجواء صرعاتنا
الكيفية المبتدعة وصراعاتنا التاريخية الشرسة، وبقي اهتمامنا منصبا على ترصين حدود
جغرافيتنا الفئوية الفكرية والعقدية، بدل البحث عن حقائق تزيل تلك الحدود، أو تخفف
من تحصيانتها، وتفتح المسافات، لتتلاقح الآراء الخيرة والشريفة من أجل بناء الإنسانية
جمعاء دون المساس بعقائدنا الشخصية والجمعية الحقيقية، فمع أن فينا وبيننا من أخذوا
على عاتقهم تقريب تلك الرؤى للأمة؛ التي بدت مخدوعة غالبا، أو تقبلت الخداع لكي تحافظ
على وجودها الفئوي بدل السعي للحفاظ على الوجود الجمعي؛ الذي هو جزء مهم من الوجود
الإنساني كله، إلا أن أثر هؤلاء لا زال باهت الملامح غير واضح المقاصد ولاسيما
وأنه يواجه أحيانا بمواقف صارمة من المؤسسات الدينية التي ترفض التجديد.
وهنا بالتحديد،
من هذه الزاوية بالذات يأتي الدور الريادي للباحثين المحايدين العلميين ليخلقوا نوعا
من التفاهم داخل البيت الإسلامي أولا ومن خلاله الانطلاق نحوي البيت الإنساني لإشاعة
ثقافة التفاهم والحوار والقبول، بدل الانجرار خلف الإكراهات الموروثة التي زرعت الفرقة
بين طوائف المسلمين، وبينهم وبين الطوائف الإنسانية الأخرى!.