مقطوعة شعرية من مجموعتي الشعرية الثانية
التي أعددتها للنشر.
لم ألتقيك في طريق عام ولا في أنقاض مدينة
خربة، ولم أر ظلك في صحراء التيه، ولا في بحر هائج، وإنما انشطرتَ عني في لحظة وعي
وتجانس، ومن لحظتها أصبحت لصيق مشيمتي، حتى أنك صرخت قبلي، وضحكتَ من قلبي، فتضاريس
وجهك هي تضاريس روحي.
هكذا أتخيلك كلما ألتقيك، لأني أشعر وكأني
ألتقي نفسي، وأراك فيَّ، وأراني فيك، لكنك، ربما لأنك إنسان، وربما لأن الإنسان جُبل
على النسيان، خيبت آمالي في الوقت الضائع من العمر، فأبكيتني منك، وأبكيتني عليك! فما
أصعب ان يفقد المرء نفسه، وانا كنت أراك نفسي.، وأصبحت على يقين أنك لم تعد كما كنت!.
لم تكن يوما صديقي
كنت روحي ووجودي وطريقي
كنت وجداني وعمري ورفيقي
كنت عذبا منعشا
في سكونك يقف العمر خجولا
وإذا تمشي مشا
إنما في الروح انت كهواء منعشا
ثم يا لب حياتي
صرت للقلب رشا (*)
يا عذولا غار مني
ثم بالحب وشى
فأحال العمر سجنا
وظلاما
أنر العتمة حولي
فطريقي موحشا
انت يا كل كياني
تجري في نسغ سواقٍ
قد تجرعتَ شهيقا
صار نارا في الحشا
كان رقراقا وعذبا
فيه أنت الغبشا(**)
(*) الرشا: شجر يسمو فوق القامة، ورقُه
كورق الخِروع، لا يُثمر ولا يؤْكل. والرشا: عشبة يدبغ بها.
(**) غبش الشيء: كدر لونه. غبش فلانا: خدعه
وغشه.