في ساعات الصباح الأولى وعلى أطراف الغابة
القصية، عقدت الحيوانات كلها اجتماعا مصيريا، لتبت في أمر الموافقة على منح حيوان
آخر هو الإنسان حق العيش معهم في موطنهم وعلى أرضهم، وقد بدا على سحنات أغلب
المجتمعين أنهم موافقون، ولا مانع لديهم، لأن هذا المخلوق الضعيف لا يشكل خطرا
يتهددهم، إلا الثعلب؛ الذي كان يعترض على كل همهمة، ويحذر من مغبة الموافقة على
عيش الإنسان بقربهم، وحينما وجدهم غير ملتفتين إلى رأيه، صرخ بهم محذرا: يا زملاء ويا
رفاق المكان والمصير، اعصبوها برأس مجرب خبير، ولا تسمحوا للإنسان أن يعيش بينكم،
لأني ـ حتى مع اتفاقكم ـ على أني أمكر الحيوانات، وأكثرها حيلة ودهاء، كنت مجرد
واحد من ضحايا الإنسان، ولأكثر من مرة، مما يعني أنه أشد مكرا مني، وأكبر حيلة
ودهاء، وإذا وافقتم على عيشه بينكم، سوف تندمون، لأنه أشد افتراسا من الأسد والنمر
والذئب والدب!
تفرقت الحيوانات، غير آبهة بتحذير الثعلب،
وغير بعيد عنهم، كان الإنسان، يقف منتصبا، يفرك يديه بخبث، ويتأمل في الفرص
العظيمة المتاحة أمامه، والأجساد المكتنزة التي أدارت له ظهورها، وغير بعيد عنه، كان
يقف الثعلب يتلمس فروه السميك والجميل، وهو على يقين أنه سيكون أول ما يصادره
الإنسان، ليمنحه الدفء، ويجعله يفكر بشكل أفضل كيف سيتعامل مع باقي الحيوانات.