أيها
الواقفونَ في طوابيرِ الانتظارِ المرِ.. على
حدودِ ضياعِ العمرِ
في زمن الخيبة
والخسران
ليلكُم
تيهه تسرحُ فيه الجنياتُ والغيلانُ والسباع
والضباعْ
وكلها جياعْ
وصباحكمْ
ثغرةُ ظلمةٍ تطلُ على سواترِ النواحِ والأنين
تبعث
في نفوسكم ذكرى نشوةَ دفءِ الفصولِ الذبيحة
حيث
الخريف بلا انتظار .. يلاعب العواطف ويخلط المساء بالنهار
نفوسنا
قرفصها البرد.. والتيه في حقل ألغام الاشتياق
اتعبها
البحث في دفاتر الزمن الغائر عن ساعة حنين
إلى
حضنٍ تفوحُ منه رائحةُ أمٍ فقدت وليدها منذ عصر السبايا
باعوه في سوق النخاسة
وهي
تبحث عن وطن في منافي الدنيا البعيدة
تبحث
عن طفل في حقول المقابر الجماعية التي
طرزت وجه الوطن
عسى
يوم عيد يمر في حياتها بلا محن..
لتستفيق نفحةً الأمل
أملِ
لقاءِ الغائب الحبيب
لكن
على شواطئ الحنين والوعود والعابقات من السنين
لا
في ظلمات المقابر المكفهرة
فالحياة
لا تبدأ في المقبرة بل تنتهي بها غالبا وليس على الدوام
وألا
فكثير من الذين فقدناهم في معارك التوحش التاريخية
التي قادها المفترسون
ممن حملوا القرآن في أكفهم
توسدوا
الأرض وأغمضوا جراحهم وطيف أحلام الأمس يلاعب
خيالهم
ثم ناموا وتدثروا بالرمال،
ولم يتركوا خلفهم من أثر
ونحن من خيبتنا بحثنا
وبحثنا ولم
نعثر لهم على قبر
فقط
رائحتهم التي عهدناها منذ طفولتهم.. رائحتهم العالقة في قوبنا
أشارت
بإصبع الاتهام إلى الأرض الندية التي أسندوا رؤوسهم
إليها
تخبرنا
عن حدود مقبرة جماعية
كل
المدفونين فيها لا زالوا يتنفسون
لا
زالوا يحلمون .. ويحملون في قلوبهم حقداً على الجلاد
فالموتى
في أوطاننا مثلنا يحلمون أحيانا بشيء من الجمال
ويملأ
قلوبهم الحقد.. لكنهم مثلنا
يحلمون ولا يعملون
ولذا ستبقى المقابر
الجماعية تنتظر قدومهم
فهي تشتاق لجبنهم
وخنوعهم
وكلنا بلا استثناء .. كلنا جبناء