11‏/05‏/2019

نص ونقد ورد





في العدد: 4614 المصادف: 24ـ 04ـ 2019
نشرت في صحيفة المثقف تحت عنوان "ثمن آخر أمنية؛ هلوسات آخر العمر" هذا النص:

اليوم بعد أن دب الوهن في مفاصلي
وصادرت الأيام وشل قواي
حتى بت أتوكأ في النهوض والجلوس على كل شيء
بما في ذلك بعض كرامتي
لم أعد طماعا.. لم أعد أطلب المزيد
وسأكتفي بلملمة بقايا صباحات عمري التي خطفتها الليالي
وما عافته السنين من ملامح الأمس، يذكرني بالذي مضى
وتلك الظلال التي خلفها عمري الغائر ورائي على أعتاب دربي
وذرات رمل الدروب القديمة التي علقت في ثنايا دماغي
وآخر أوراق دفاتري المدرسية العتيقة الصفراء الممزقة
ونوتات نشيد (مليكنا) الصباحي التي لا زالت عالقة في الوجدان
وقطعة الطبشور التي نسيتها في يدي منذ ستين عاما وإلى الآن
أبحث عن لوح أخط بواسطتها كلماتي عليه
وأثر العصا التي أمرها المعلم أن تُقبِّل يديَّ لأني لم انجز الواجب
ودعوات أمي الطيبة، وهي تودعني صباحا في طريقي إلى المدرسة
في شتاء زمهريري لا يرحم
وقدح الماء الذي كانت تسكبه خلفي ليطرد الشر
ويجعل دربي أخضرا

والذي لا زال رذاذه عالقا في تجاعيد سنيني
يمدها بالندى
وصوت أبي الزاجر، وهو يأمرني أن اكون رجلا
وأجعله يفخر بي في المجالس بين الأقران
سأكتفي بمنح ذلك كله، بكل ما فيه
وهو كل وأعز وآخر ما عندي
لمن يعيدني ولو للحظات إلى تلك الأيام
التي غادرتها وأنا أبذر ما أملك بلا وجع قلب
وأشتاق إليها اليوم شوق بخيل قتله الحرص على دينار ذهب
هو كل ما يملك
سقط منه في نهر هائج، وأخذته الأمواج بعيدا!.
وقد تبين أنه ترك أثرا لدى بعض المهتمين ومنهم الست فاتن عبدالسلام بلان، التي كتبت معلقة:

الشاعر القدير صالح الطائي ، صباحك الأنوار ، مودتي على الدوام ..
نص جميل جدا بل مؤثر في ذكرياته وتمتماته واعترافاته ، لابد من الوقوف هنا ، لما يحمله حرف أستاذنا من فخامة في النبل والوفاء ، ومراجعة شريط العمر بماضيه ، اسلوب الشاعر هنا اسلوب السهل الممتنع ، يأتي الحرف كما الواقع مضاف إليه احساس الشاعر المأزوم بالحب والشوق والرجاء ، جاء نص الشاعر خالصا ومصفى من الشوائب ، ومع كل هذي المناوشات بينه وبين قلبه واندلاع التساؤلات أمام أبواب الزمن والعمر ، إلا أن راية الحرف برغم غصتها الإنسانية تتفوق وترفرف بالإحساس ..
وأشتاق إليها اليوم شوق بخيل قتله الحرص على دينار ذهب
هو كل ما يملك
سقط منه في نهر هائج، وأخذته الأمواج بعيدا!.
هنا الذروة بهذي الصورة الواضحة المؤثرة ، لك تقديري وكل الاحترام والسلام ..
***
وبعد أن اطلعت على التعليق بعمقه ودلالته الجميلة، آلم أملك سوى أن أرد عليها بهذه الكلمات:
فاتن عبد السلام المحترمة
لا أخفيك أني فوجئت بهذا التحليل الفخم لنصي المتواضع
ولا أخفيك أني أعجز من أن أجاريك بالرد، لذا سأنشر ما كتبت على مدونتي الشخصية وعلى صفحتي في الفيسبوك (صالح الطائي الطائي)
حييت ودامت أيامك ربيعا وشذى