04‏/04‏/2020

قصيدة وطن ستغير التصورات حول وظائف الأدب العربي/ للناقدة سامية البحري من الجمهورية التونسية





قصيدة وطن مقترح مشروع ادبي عربي مشترك هو عبارة عن قصيدة من بحر الوافر وقافية الراء المضمومة، يشترك بكتابتها شعراء من كل أقطار الوطن العربي لدعم الشعب العراقي، اقترحه الدكتور صالح الطائي، ونجحت الفكرة، حيث أسهم اكثر من 100 شاعر من أغلب الأقطار العربية في كتابة قصيدة سيصل عدد أبياتها الصالحة للنشر إلى 400 بيت، وستطبع بكتاب في دار الوطن بالمملكة المغربية، وقد تولى مهمة ربط المشاركات وتنقيحها الشاعر العراقي المغترب المهندس ضياء تريكو صكر، وهذا ما دفعني للكتابة عن هذا المشروع الفريد أكثر من مرة، وسأبقى أكتب إلى أن يكتشف العالم أهمية هذا المشروع البنائي الكبير. وسأبقى أرسل التحايا إلى القائمين على هذا المشروع وكل من أشترك فيه، فالف تحية في عمق هذا المجهود الكبير، وفي عمق هذا المشروع الثقافي الضخم الذي سيغير عدة تصورات حول وظائف الأدب العربي بصفة عامة والشعر العربي بصفة خاصة.
وفي تقديري أن هذا المشروع الثقافي والحضاري والفكري يجب أن يبلور في مبحث دقيق ومصطلح نقدي علمي يضبط من قبل المنظومة النقدية الأكاديمية العربية ليكون مدخلا جديدا لشكل جديد في إنتاج القصيدة العمودية المعاصرة وانتقالها من الناظم الواحد إلى الناظم الجمع، وهذا سيحتاج إلى وقت وجهود من قبل المنظومة النقدية، إذ العمل الإبداعي هو نقطة الالتقاء بين المبدع والناقد، كما أن هذا العدد الكبير من الأبيات يجعل من هذا  المشروع الضخم معلقة عربية ضخمة تحتاج إلى معرفة دقيقة وشاسعة والكثير من المجاهدة والجهد لمقاربتها، ولاسيما انها احتوت العديد من الأوردة لشد الأنسجة بعضها إلى بعض.
حقيقة ما قام به المشرف على المشروع الشاعر الكبير ضياء تريكو صكر من جهود في ضبط هذه الرائية جدير بالتأمل والتكريم وجدير بتحية تعجز اللغة عن بلورتها.
كما أرى أن هذه التجربة كشفت عن الواقع الثقافي العربي وبلورت عديد الرهانات الكبرى التي تطرحها هذه المرحلة سنتحدث عنها في أوانها.
بيد أنه لا يجب أن نغفل ابدا عن هذا الإنجاز الكبير الذي اضطلع به هذا الشاعر المختلف الشغوف بالبحث والمعارف ينهل منها بلا كلل ولا ملل وقد ذكرني ذلك بما كان يقع في الزمن الجميل للحفاظ على أعذب الشعر وأشده غزارة ونقاء وهذا لعمري هو ما يشغل شاعرنا اليوم وهو هاجسه العظيم.
لقد كانت الرواية هي الوسيلة التي وصل عن طريقها الشعر الجاهلي إلى عصر التدوين وكانت تقوم على دعامتين:
رواية الشعراء عن بعضهم، فمن كان يريد أن ينظم الشعر يلزم شاعرا سابقا له يتعلم عنه، وهو ما كون صلات فنية بين الشعراء في الجاهلية، فبرزت مدارس في الشعر مثل مدرسة أوس بن حجر وزهير بن أبي سلمى والحطيئة  وأمرؤ القيس وهدبة بن خشرم وعبيد بن الابرص وغيرهم. 
إلى جانب دعامة أخرى وهي رواية القبيلة لشعر شعرائها لأنه يحفظ مناقبهم ومآثرهم..
إلى غير ذلك من الركائز الأساسية التي ساعدت على حفظ المدونة الشعرية الضخمة من التلف، وفي تقديري، ونظرا لاختلاف الزمن والطرق، فإن ما قدمه هذا المشروع الثقافي الكبير يعتبر دعامة جديدة ومختلفة ومتجددة تتماشى مع طبيعة الحقبة التي نشأ فيها المشروع برمته. فضلا عن ذلك نجح المشروع بالقيام بعملية   غربلة للساحة الثقافية، وخلص الذاكرة الشعرية العربية من عدة شوائب، وهذا عمل يحتاج إلى الكثير من الجرأة والموضوعية والعلمية.
ولنا في الأرقام التي قدمها الشاعر والنسب التي أحال عليها الحجة والبرهان، فضلا عما احتاجته القصيدة من ابيات من نظم الشاعر المشرف لتشد اوصالها، وهذا أمر متوقع لأن الاختلاف بين الشعراء في اللغة والنظم والبلاغة وتملك اللفظ الشعري سيطرح العديد من الإشكاليات التي يجب معالجتها للوصل إلى قصيدة فريدة.
العمل كبير ومتشعب ويستحق الكثير من العناية والاهتمام، وسنعمل مستقبلا على إبراز مواطن القوة ومواطن الضعف في النص برمته في أوانه، وهو ما تقتضيه مهامنا في النقد الأدبي الأكاديمي الموضوعي، لا نخشى في الحق لومة لائم، ونستقبل الحجارة بالورود.         
شكرا لكما
الشاعر الكبير ضياء تريكو صكر
الفيلسوف العربي والمفكر التنويري صالح الطائي
ولكل من شارك في هذا المشروع الثقافي الكبير الذي سيحرك المنظومة النقدية الأكاديمية  العربية نحو مسارات جديدة