على مر التاريخ كان الحكام والسياسيون الكبار هم السراق الحقيقيون لثروات
الشعوب، وهم سبب فقرها وفاقتها، لا فرق بين ملحدهم ومتدينهم، ومن قصص إسرافهم غير
المبرر ما وقع في حفل زواج المأمون.
كان الخليفة المأمون العباسي ابن الرشيد قد خطب بوران؛ وهذا لقبها ، وأسمها
(خديجة) ابنة وزيره الحسن بن سهل السرخسي، وكان الحسن يسكن (فم الصلح) وهو نهر
كبير قرب واسط، فلما وصل المأمون ورجال
دولته والقواد والوجوه والكتاب والخدم والحراس إلى فم الصلح، نثر الحسن بنادق
المسك على رؤوسهم، فيها رقاع بأسماء ضياع، وأسماء جواري وقيان وعبيد، وصفات دواب
أصيلة، فمن وقعت عليه البندقة، أخذها واستلم ما مكتوب فيها من الوكيل.
ثم نثر الحسن على سائر الناس الدنانير والدراهم ونوافح المسك وبيض العنبر.
وكان مجموع ما أنفقه على عرس ابنته خمسين ألف ألف دينار، أي50 مليون دينار ذهب!
وفرش للمأمون حصيرا منسوجا بالذهب، فلما وقف عليه، نثرت على قدميه لآلي
كثيرة لا تحصى.
فلما دخل المأمون على بوران، وجلس عندها، نثرت عليها جدتها ألف درة كانت في
صينية ذهب، وألبستها أم جعفر البدلة اللؤلؤية.
كل هذا والمأمون منتش فرح مسرور بهذا الإسراف الكبير، وموافق عليه، يشعر
وكأنه رب ثانٍ، لكنهم بعد أن ألبسوا بوران تلك البدلة من اللؤلؤ، أوقدوا شمعة عنبر
وزنها أربعون منا في تور من الذهب، حينها، أنكر المأمون ذلك عليهم، وقال: هذا
إسراف!