الطاوة اسم شعبي عراقي للمقلاة، وهي إناء من آنية المطبخ،
يستخدم لقلي البصل والثوم والبطاطا واللحوم والأسماك، وصنع بعض الأكلات الأخرى، وقد
اخترت هذا العنوان بدل عنوان (ثقافة العجائز) المستخدم والمعروف والدال حرفيا على
ثقافة الطاوة لسبب بسيط وهو وجود قصة تلخص
ثقافتي (الطاوة والعجائز) تلخيصا رائعا، يصلح أن يكون أنموذجا رائعا لوسائل
الإيضاح.
تقول القصة إن ربة منزل كانت معتادة على قطع رأس وذنب
السمكة قبل وضعها في الطاوة لطهوها، فسألتها إحدى بناتها عن سبب قطع هذه الأجزاء
قبل القلي في كل مرة، وكأنه من مستلزمات القلي الضرورية التي لا تتم العملية
بدونها، فلم تحر جوابا لأنها لا تعرف السبب الحقيقي، فقالت لأبنتها: والله لا اعرف
السبب ولكني شاهدت والدتي تعمل ذلك، تعالى لأتصل بجدتك وأستفسر منها، ولما اتصلت
بالجدة، كانت الجدة مثلها لا تعرف السبب، ولكنها قالت لها: أنا لا أعرف السبب إلا
أني كنت قد رأيت منذ زمن طويل إحدى صديقاتي تعمل ذلك فاعتقدت أنها الطريقة الصحيحة
لقلي السمك، دعيني أتصل بها وأسألها، فاتصلت الجدة بصديقتها مستفسرة، وهنا قالت
لها الصديقة: أنا لا اعرف السبب ولكني شاهدت جارتي تعمل ذلك، سأتصل بها وأسألها عن
السبب. فلما اتصلت بجارتها، قالت لها الجارة: لا سبب لذلك، إلا أن الطاوة التي
عندي صغيرة لا تستوعب السمكة، ولذا أقطع الرأس والذيل لأتمكن من قليها بشكل جيد.
معنى هذا أن الكثير مما هو شائع بين الناس من الأفكار
والعادات والتقاليد؛ التي غالبا ما يحترمونها ولا يرضون لأحد أن يعمل بخلافها، هي
مجرد وهم لا أكثر، وهم كبير لا أصل له ولا سند. ودورك هنا أن تدرك أنك أعظم واكبر
من أن تقلد الآخرين بلا علم، وتنساق وراء أفكارهم قطيعيا دون معرفة، فقد يقودونك
سيرك خلفهم إلى البحر مثل قطيع (بانورج).