بسم الله الرحمن
الرحيم
الحمد لله والصلاة
والسلام على اشرف المرسلين محمد واله الطيبين الطاهرين , أما بعد:
حقيقة انه لا بد
لي ان اعترف ان بعد الانتهاء من قراءة كتابك (أثر النص المقدس في صناعة عقيدة التكفير)
والذي تأخرت في إكمال قراءته , لا قصوراً مني , وإنما لأنه كتاب جعلني اتأمل في كل
سطر فيه , فهو كتاب لم يكن كبقية وغالبية الكتب التي نقرأها اليوم وسابقاً التي تحتوي
على معلومات واحداث تاريخية تعاد تقريباً في كل كتاب , وانما هو كتاب فيه ما كنت ابحث
عنه , فهو بمثابة الضوء الذي ينير في الظلماء , ويزيل الشبهات , وهو من خير الكتب التي
قرأتها يوماً في الدفاع عن الإسلام ليس بالتعصب ورد التهم على المقابل , وإنما بإظهار
وتعريف القارئ بالإسلام الحقيقي المحمدي الذي انزل على رسوله (ص), الذي جوبه أول مرة وتعرض للتشويه فيما بعد , وها انت اليوم تزيل هذا
التشويه الذي طاله , نعم كنت اعرف ان الإسلام ناصع لا غبار عليه , ولكن بعد قراءتي
لكتابك رأيت هذا النصوع مقروناً بالدليل , وفيه الإجابة عن الشكوك والتساؤلات والشبهات
التي تكون في داخل كل مسلم .
وسؤالي لك أيها
الأستاذ الفاضل : فكما تفضلت في كتابك بأن جميع الفرق المتطرفة والتكفيرية الخ... قد
استمدت تطرفها وتكفيرها من النصوص الإسلامية
المقدسة , وفسرته بحسب ما تشتهيه انفسهم , وتفيد مصالحهم , فهل اليوم نلوم الغرب
وغيرهم على نظرتهم للإسلام بأنه دين إرهاب وقتل وسبي؟ وهل عليهم بعد ذلك من عتب ؟ فمن
غير الممكن ان يكون أهل الغرب وغيرهم من بقية الأديان يملكون العقل والرؤية الثاقبة
التي تملكها انت ليفهموا ما هو الإسلام الحقيقي !
وهل كان على الرسول
ص وعلي ع أن يكونوا أكثر حزماً وقوة وقسوة وتصفية الإسلام من المعارضين له بالقتل والسبي
كحروب الردة وغيرها من الوسائل, لديمومة استمرار الإسلام الحقيقي , وان فعلوا هذا فهل
سيبقى الإسلام على نفس مبادئه الاساسية وهي الرحمة , وهنا سيطرح السؤال : هل ان الإسلام
هو دين نظري لا يمكن تطبيقه على ارض الواقع فالناس هم نفسهم في جميع العصور يميلون
مع ما تميل معه مصالحهم الخ... وما هي الخطوات
العملية برأيك لإظهار جمالية الإسلام , وتحقيق الاعتدال والوسطية ؟
واخيراً يا استاذي
الكبير والفاضل اسف على الاطالة ولكني قد نويت على ان استفيد منك ولي الشرف ان تقبلني
كتلميذ لديك
فرات ناظم وهيب
* * *
جوابي على
السؤال
سلام عليكم ورحمة
الله وبركاته أستاذ فرات ناظم وهيب المحترم
سألتني: فهل اليوم
نلوم الغرب وغيرهم على نظرتهم للإسلام بأنه دين إرهاب وقتل وسبي؟
وأقول جوابا: نعم
نلومهم أكثر من غيرهم لأنهم درسوا الإسلام بحثيا وأكاديميا أكثر حتى من المسلمين أنفسهم،
والموا بخفي جوانبه التي ألهى الصراع المسلمين عن إدراكها. إن الكتب التي ألفها المستشرقون
عن الإسلام بالرغم مما فيها من تحريف ودس وتحيز تؤكد أنهم فككوا مفاصل لم نلتفت لها
نحن، وهم قبل غيرهم يعرفون أن الإسلام الحقيقي صودر وأستعيض عنه بدين من صنع السياسة
هو الذي أعاد تراتبية أحكامه وإرشاداته وإشاراته لتعطي معاني بعيدة عن مقصد النص المقدس.
وهم يعرفون أن العنف والهمجية والتوحش الموجودة في الإسلام المتداول اليوم لا تمثل
منهج الإسلام الحقيقي، بل هي من صنع ورثة السياسيين وأحفادهم.
هنا قد تسألني:
لماذا إذا لم يصرحوا بها؟
وهذا سؤال منطقي،
فالمستشرقين في الأعم الأغلب ـ إلا ما ندر منهم ـ كانوا مدفوعين لخدمة مشاريع بعضها
سياسي مخابراتي والآخر يدخل ضمن أطر التحيز الديني بدلالة أن أكثر البعثات الاستشراقية
مُولت من الكنيسة والمخابرات، ولذا تجد بعضهم يعملون على مسخ وتشويه الإسلام انتصارا
لمسيحيتهم، وبعضهم يذكون العداء والتطرف بين فرق المسلمين، وبعضهم يميل إلى إحدى الفرق
ويدعم طروحاتها مقابل توهين طروحات الفرق الأخرى.